فرضيتان للعلاقة مع السوداني

“لا يحب المعممين ولا يحتاج الإطار”.. المالكي يزحف وحيداً لاستعادة 4 محافظات

بغداد – 964:

في مثل هذه الأيام قبل 9 سنوات، بدأت وكالات الأنباء الأجنبية تعتاد على وصف رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، بالرجل “الأكثر عزلة في العراق”، حينها اضطر حزبه (الدعوة الإسلامية) بتأييد من طهران، إزاحته من منصبه، والبحث عن خليفة قادر على وقف تقدم “داعش” في 3 محافظات خسرها المالكي؛ الآن، يحاول المهتمون بالسياسة الإجابة عن سؤال: كيف صمد “أبو إسراء” كل هذا الوقت، رغم كل ما جرى؟

على بعد أشهر من انتخابات مجالس المحافظات، يخطط المالكي لاستعادة 4 محافظات في الوسط والجنوب، والظفر بمنصب المحافظ فيها، لوحده دون شريك أو حليف. يقول قيادي في “دولة القانون”، إن الحسابات الانتخابية التي بين يدي المالكي الآن “لن تخطئ أبداً”.

أربع محافظات تعني أن المالكي سيضبط الساعة على توقيت عام 2010، حين كان “امبراطوراً” يحكم المنطقة الخضراء ويدير شبكة علاقات معقدة بين الشرق والغرب، ودون كلل يحاصر نفوذ التيار الصدري، بـ126 مقعداً في مجالس المحافظات، و4 محافظين.

الفتح انتهى والمالكي وحيد.. العصائب تكشف تفاصيل تحالفَي الفصائل “الصفوة ونبني”

المالكي “وحيد لكنه قوي”

لا تفسير واضحاً لرغبة المالكي الجارفة – كما يصفها قيادي بارز في الإطار التنسيقي – في النزول إلى الانتخابات بمفرده، لكن “من يخرج سليماً من عواصف سياسية وأمنية هددت وجوده حد النخاع، لن يجد أفضل من هذه الفرصة لاستعادة المجد”.

ثمة تفسير آخر قد يكون منطقياً، بأن المالكي يتحرك سريعاً نحو مجالس المحافظات، قبل أن يقرر مقتدى الصدر خطوته المقبلة؛ هذا الأخير يمكنه، لو أراد، “إفساد حفلة الإطار قبل توزيع الجوائز”.

منتصف تموز، وفي حوار متلفز، قال المالكي، إن “أموراً فنية تعيق مشاركة الإطار التنسيقي بقائمة واحدة، رغم أنه يتمنى ذلك”، لكنه ظل يصد رغبة رفاقه في الإطار التنسيقي، بمن فيهم “شيخ المجاهدين” هادي العامري، في إنشاء قائمة موحدة؛ يقول القيادي البارز، إن “المالكي بارع في حماية الإطار، والتنافس معه في الوقت نفسه”.

قصة البراعة رائجة كثيراً في الأوساط “المالكية” منذ سنوات. يقول كثيرون ممن تعاملوا مع الرجل، أو عملوا لصالحه، إنه من الصعب “مجاراة زعيم سياسي يفكر مرتين أكثر من خصومه”، لكن ليس من الواضح كيف تحَصن المالكي من منعطفات حادة، بالبراعة وحسب.

يقول القيادي البارز، “المالكي لديه فريق متمرس يدقق في كل شيء، ولا يفوت احتمالاً واحداً في المشهد”، ومنذ أشهر جهز كل شيء للانتخابات، “دائرة دائرة، ومرشحاً مرشحاً”.

هل تبدو “البراعة المالكية”، وفرقة الحساب الانتخابي، كافيتين لرفض رئيس الوزراء الأسبق التحالف مع أحزاب في الإطار التنسيقي؟ صحيح أن غياب التيار الصدري قد يبدو مغرياً، لكن من يغامر بإشعال فتنة تهدد البيت الشيعي، مجدداً، وفي فترة ذهبية؟

لا يشعر المالكي بأنه بحاجة لأحد. يقول مقربون منه، إن “دولة القانون” تمتلك الآن غطاءها السياسي، بينما في السابق كان حين يتعرض المالكي إلى تهديد وجودي يفتح “باب اليخت لمزيد من الركاب”، ويبدو أن توقعات الطقس لهذه الأيام في مكاتب “دولة القانون” لا تقرأ رياحاً عاتية، على المدى القريب.

تيار الحكمة: حاولنا جمع الإطار في تحالف واحد لكن المالكي شخصية براغماتية

المالكي “لا يستلطف المعممين”

في الأسبوعين الماضيين، وبينما كان “دولة القانون” بعيداً عن صخب المفاوضات الانتخابية، نضجت ثلاثة قوائم من الإطار التنسيقي، آخرها تحالف “الصفوة”، وبدا أن زعيمه قيس الخزعلي أراد بقائمة “فصائلية” العمل حراً دون العودة إلى “أولياء الأمور” في الإطار التنسيقي.

يقول إطاريون من الخط الثاني، إن إصرار المالكي على عدم التحالف مع الآخرين دفعهم إلى مفاوضات “لم يكن هذا وقتها”، وانتهوا بها مضطرين إلى تشكيل “الصفوة”، وإخراج “الفتح” من المعادلة.

والحال، أن المالكي “لا يستلطف معممي السياسة”، يقول القيادي البارز إنه “على وجه الخصوص، لا يحمل الود للخزعلي”، وكان من المستحيل أن يجلسا في ديسمبر المقبل، كحليفين يحسبان سويةً الأصوات والمقاعد؛ على الأكثر فإن “غياب الود” بين الرجلين، يخبرنا بالكثير عن “نموذجين شيعيين متضادين في الحكم”.

علاقة الخزعلي والعامري بعد “الصفوة”.. العصائب كبرت و”إن كبر ابنك خاويه”

كيف هي علاقة المالكي والسوداني؟

يشتهي كثيرون سرد تحليلات عن “حرب باردة” بين المالكي ورئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، لكن تأكيد هذه الفرضية صعب جداً، بينما يتمرس الإطار التنسيقي على “ابتكار حوادث للتمويه”، قد تكون “معارك الرئيسين” من بينها.

ومع ذلك، فإن سيرة المالكي السياسية لا تحمل أخباراً سارة لجيل الخط الثاني من الدعاة؛ لكن على الأقل فإن السوداني “الرجل المطلوب لإنجاز المهمة”، مهمة يراها المالكي انتقالية قبل “إعادة التمركز في المواضع التي تركها الصدر”.

ثمة فرضيتان تحكمان العلاقة بين المالكي والسوداني؛ هذا الأخير لن يشارك في الانتخابات المحلية، لكن “مجسات دولة القانون تغذي المالكي بأن مشروع الشيخ الخزعلي قد يكون مغرياً لرئيس الوزراء”، يقول القيادي البارز في الإطار، إن العلاقة الحذرة بين الاثنين “لا يمكن وصفها بالحرب الباردة، بل مجرد حسابات انتخابية منطقية”.

الفرضية الثانية ظهرت حين فتح الإطار التنسيقي نقاشاً داخلياً عن “تأجيل الانتخابات لأسباب فنية”، لكن الحوارات التي تختفي وتظهر داخل مكاتب الإطار ظلت محكومة بالقلق المتبادل بين المالكي والسوداني، هذا الأخير يعتقد بأن تشكيل مجالس محافظات وتعيين محافظين من شأنه تقويض سلطته المركزية، وهو ليس مستعداً لخوض صدامات سياسية وإدارية معها، على خلاف المالكي، “الذي يميل كثيراً لهذا السيناريو”.

دولة القانون: الانتخابات ستؤجل لأجل الصدر وتحالفات الإطار ليست من صناعة المالكي

بيان رسمي: السوداني لن يدخل الانتخابات المحلية وتياره سيبتعد عن “قوائم الظل”

Exit mobile version