الموصل – شبكة 964
يكشف حجم الاستثمار الفندقي في الموصل فارق سرعات في النمو بين ضفتي المدينة، وفيما دخلت الخدمة في الجانب الأيسر 7 فنادق جديدة تعود لمستثمرين من بغداد وأربيل، لا يزال الأيمن متأخراً بفندق واحد فقط حتى الآن.
وتظهر خارطة الفنادق في الموصل، تفوقاً واضحاً للجانب الأيسر، لأسباب تتعلق بالوضع العام في المدينة بعد تحريرها من تنظيم “داعش”، حيث استعاد الأيسر عافيته سريعاً خلافاً للأيمن الأكثر تضرراً بفعل قِدم مبانيه وكثافتها، إلى جانب ضراوة المعارك خلال فترة التحرير.
وتضم قائمة فنادق الجانب الأيسر من المدينة كلاً من “إيوان” و”شقق نركال” في المجموعة الثقافية ، “قصر السلطان”، “رويال ستي” و”باشطابيا”، في حي المهندسين، بالإضافة إلى “ليالي بغداد” و”مودرن بلازا” في حي الفيصلية.
ودخلت غالبية هذه الفنادق الخدمة بعد شهور قليلة من تحرير المدينة في تموز عام 2017، فيما لا يزال بعضها قيد التنفيذ، على أمل الافتتاح قريباً.
ويتباين مستوى الخدمات في تلك الفنادق، استناداً لحجم الأموال المنفقة على استثمارها، بينما تختلف تصاميمها وأنظمتها بحسب الموقع ومساحة الأرض والشركات المنفذة.
ولاحظ مراسل “شبكة 964″، أن الجانب الأيسر استقطب رؤوس أموال من داخل المدينة وخارجها، إذ يمكن للمستثمرين الحصول على ضمانات أكثر لإنجاز مشاريع بمخاطر أقل من الجانب الأيمن الذي يراوح خارج دائرة الاستثمار.
وتحافظ الاستثمارات بالشراكة على نسبة من رؤوس الأموال المحلية تقدر بنحو 50%، لتشجيع وطمأنة رؤوس المستثمرين من خارج الموصل.
ويقول مصدر في هيئة استثمار نينوى لـ”شبكة 964″، إن “الاستثمارات الجديدة في قطاع الفنادق في الموصل غالباً ما تكون مرتبطة بشراكات مع رؤوس أموال محلية وأخرى قادمة من أربيل المجاورة والعاصمة بغداد”.
ويضيف المصدر، أن “المستثمرين القادمين من أربيل وبغداد أسهموا كثيراً في زيادة عدد الفنادق في الموصل، التي تتوزع بين رجال أعمال موصليين، وشراكات مع تجار من بغداد وكردستان”.
وينقل مراسل “شبكة 964” عن عدد من مديري وموظفي فنادق أيمن الموصل، أن بعض هذه الفنادق لم يكن مصمماً ليكون فندقاً، غير أن حاجة المدينة إلى هذا النوع من الاستثمارات ساعد على تحولها.
ويقول مدير فندق “إيوان” في منطقة المجموعة الثقافية بالجانب الأيسر، إن “المبنى عبارة عن شقق فندقية من الدرجة الأولى لاحتوائها على غرف مطبخ”، مبيناً أن “تصميم المبنى المتكون من 5 طوابق و 16 غرفة ويستوعب 60 شخصاً، كان مستأجراً من قبل إحدى دوائر الدولة، لكن موقعه جعله مناسباً ليكون فندقاً”.
ويعود سبب انتشار الفنادق في الجانب الأيسر من الموصل إلى نشاط عمراني لافت، بانتظارعودة جسور المدينة جميعها إلى الخدمة بعد أن تعرضت للدمار في الحرب ضد تنظيم “داعش”، في حين تغيب مشاريع الفنادق عن الجانب الأيمن نتيجة صعوبات لوجستية تتعلق في أزالة آثار الحرب.
نموذج محلي مقبول
يجمع أصحاب الفنادق في الموصل، على أن المستثمرين المحليين يفضلون العمل في الجانب الأيسر من المدينة، بسبب استقراره النسبي على صعيد الاقتصاد والبنى التحتية.
ويتزامن الاستثمار في تطوير القطاع الفندقي في أيسر الموصل، مع حركة متصاعدة في الاستثمار بالعقارات والبناء، التي يديرها القطاع الخاص، بالإضافة إلى مشاريع إعادة الإعمار التي تمولها الحكومة وبعض المؤسسات الدولية.
ويقول مدير إدارة فندق “قصر السلطان”، إن “المشروع يعود لمستثمر موصلي، اختار هذا المكان على الرغم من كونه في شارع فرعي وأمام جامع الموصل الكبير، غير المكتمل منذ العام 2000، لكونه مكاناً هادئاً ومناسباً للسكن”.
من جهته، يقول أحد موظفي الاستقبال في فندق “باشطابيا” الجديد، إن سبب اختيار مالك الفندق هذا الموقع يرتبط بقربه من الجامعات والدوائر ومنطقة الغابات، وهو ذات السبب الذي جعل مالك فندق “رويال ستي”، يفضل هذا الموقع بسبب قربه من جامعة الموصل وسوق النبي يونس ومرافق حيوية أخرى في المدينة.
طبقية متصاعدة.. الأيمن للفقراء
على الجانب الآخر، في أيمن الموصل، تكاد المنطقة تخلو من الفنادق الجديدة، باستثناء فندق “كهرمانة” القديم، في حي الدواسة و”جبل سنجار” الذي لا يرقى بخدماته إلى مستوى الفنادق الموجودة في أيسر المدينة، وفقاً لعدد من نزلائه، إذ ينخفض سعر حجز غرف فيه، لليلة واحدة، إلى النصف قياساً بمعدل أسعار فنادق الجانب الأيسر.
ويدعي أهالي الجانب الأيمن، أن واقع الفنادق في المدينة خلق تبايناً ملحوظاً في مستوى الخدمات قياساً بأيسر المدينة، معتبرين أن “المقارنة بين الجانبين ستكون ظالمة للجانب الأيمن، مع تصاعد طبقية جديدة بدأت تظهر بين الجانبين”.
ويقول أحد سائقي التاكسي، في المدينة، لـ”شبكة 964″، إن “الفوارق الطبقية أصبحت أمراً واقعاً في الموصل، فالبناء الجديد والفنادق الحديثة كلها في الجانب الأيسر، ولا يوجد ما يماثل ذلك في الجانب الأيمن”، مبيناً أن “حركة الإعمار تقتصر على المنظمات الدولية التي تقوم بإعمار الجامع النوري ومحلة الجامع وبعض الأحياء المدمرة”.
ويضيف، أن “الناس هنا يصفون الجانب الأيسر بدبي، بسبب تقدم عجلة الإعمار فيه، ولجوء مسؤولي المدينة وأثريائها للسكن هناك، فيما أصبح الجانب الأيمن معقلاً للبسطاء والفقراء”.