صورة أوضح عن تعيينات الموازنة

رواتب 20 عاماً “بعلم الغيب”.. الحكومة تتضخم 800 ألف درجة بأثر رجعي لعام واحد

بغداد – عمر الشمري

800 ألف وظيفة جديدة ستضاف إلى القطاع الحكومي، بغطاء مالي قد يصل إلى نحو 11 تريليون دينار إضافي من موازنة عام 2023، وفقاً لتقديرات اللجنة المالية في البرلمان، التي أشارت إلى أن حصة الأسد من هذه الوظائف ذهبت إلى وزارة التربية، بفعل قرارات سابقة لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتي يراقبها خبراء الاقتصاد والإدارة بكثير من القلق والحذر، جراء استمرار التعيينات بطريقة “رد الفعل السياسي”.

ماذا حدث؟

منذ أيام، تُجري اللجنة المالية في مجلس النواب نقاشات مطولة بشأن أرقام الموازنة، واستضافت عدداً من المسؤولين التنفيذيين، كان آخرها اجتماعاً عقد، أمس الاثنين، واستمر نحو 9 ساعات متواصلة.

يقول عضو اللجنة معين الكاظمي، إن الموازنة تضمنت تخصيصات لأصحاب العقود والشهادات العليا، والأوائل في الجامعات والمعاهد، والمحاضرين المجانيين، حيث بلغ عدد الدرجات الوظيفية الجديدة نحو 800 ألف درجة، ما يرفع الهيكل الإداري للحكومة إلى 4 ملايين و76 ألف موظف، بعد أن كان العام الماضي 3 ملايين و250 ألفاً.

وقال الكاظمي، لشبكة 964، إن “400 ألف درجة وظيفية خُصصت للتربية، و100 ألف لوزارة الكهرباء، و74 ألفاً للشهادات العليا، فضلاً عن الوزارات الأخرى والمحافظات، التي تم تحويل عدد كبير من عقودها إلى الملاك الدائم”.

وبذلك، ارتفعت تخصيصات الرواتب إلى 59 تريليوناً في الموازنة الحالية، فيما كانت 48 تريليون دينار، العام الماضي، بزيادة بلغت 11 تريليوناً.

وعموماً، لا ترتبط التعيينات السنوية في العراق بما يعادلها من الدرجات المحذوفة، فيما تستمر الزيادات على حساب الموازنة العامة، وسط مخاوف متصاعدة من الترهل الإداري والوظائف الوهمية.

صورة أوضح عن الموازنة الأضخم: 450 مليار دولار مشروطة بوع...

صورة أوضح عن الموازنة الأضخم: 450 مليار دولار مشروطة بوعود الإطار للحلبوسي

أوليات

في 13 آذار الماضي، وافق مجلس الوزراء على مشروع الموازنات الثلاث، للعام الحالي والعامَين المقبلَين، وأحالها إلى مجلس النواب.

وتعدّ موازنة 2023 الأكبر منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، إذ قال رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، إن إجمالي الموازنة يبلغ أكثر من 197 تريليون دينار (نحو 150 مليار دولار)، وسيجري تكرارها للعامين التاليين.

وخلال مؤتمر عقده رئيس الوزراء محمد شياع السواني، في كانون الثاني الماضي، قال إن “تثبيت المتعاقدين والمحاضرين جاء كإجراء لحسم أمرهم بصفتها ملفات موروثة”، لكنه استدرك بأن الحكومة “لا يمكنها الاستمرار بهذه الطريقة”.

وعلى مدار السنوات الماضية، تحولت الموازنة إلى ميدان للمشاحنات والمساومات السياسية، كما كانت على الدوام موسماً للمطالبة بالتوظيف الحكومي، وإطلاق مستحقات المحافظات أو بعض الفئات.

ماذا يعني ذلك؟

الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، يقول إن حسابات التوظيف في العراق تختلف عن العالم، لأن تعيين عدد هائل من الموظفين، لا يأخذ بالحسبان كيفية توفير مخصصاتهم المالية للسنوات المقبلة، في بلد ريعي يعتمد على النفط بشكل كامل.

ويشدد العبيدي على أن التوظيف الجديد، وبهذا العدد الهائل، يجب أن يقترن بالتزام مالي يؤمن الرواتب لمدة لا تقل عن 20 سنة، وليس لسنة واحدة.

لكن ما يحصل، وفقاً للعبيدي، فإن الاستجابة لضغط الرأي العام، ومتطلبات الحملات الانتخابية، تجري في العادة بفتح الخزانة العامة لمئات الآلاف من الوظائف.

ويضيف العبيدي، لشبكة 964، إن العراق واجه بالفعل أزمة في دفع مستحقات تلك الرواتب، خلال أزمة كورونا وهبوط أسعار النفط، وما يعمق المخاوف الآن هو غياب خطة واضحة لتعظيم الإيرادات غير النفطية.

لذلك يقول معين الكاظمي، إن الحكومة مطالبة بتغيير نهجها نحو دعم القطاع الخاص، وإيجاد إيرادات مالية غير نفطية، لتمويل الرواتب وغيرها من النفقات.

العراق يجهل أمواله وموظفيه.. السوداني يريد حساباً واحد...

العراق يجهل أمواله وموظفيه.. السوداني يريد حساباً واحداً بدل "1000 بيد الأحزاب"

نظرة إلى الأمام

تشكل نفقات الرواتب نحو 40 في المئة من مجمل الموازنة، وبإضافة مخصصات المتقاعدين، وتمويل برنامج شبكة الحماية الاجتماعية، ورواتب الشركات العامة، فإن مجمل النفقات التشغيلية يصل إلى ما نسبته 77 في المئة من الموازنة، وفقاً للخبير نبيل المرسومي.

ويرى المرسومي، خلال حديثه لشبكة 964، أن “المقلق في الموازنة الحالية، هو إطلاق يد الحكومة في الاقتراض، إذ من الممكن أن تقترض هذا العام 41 تريليون دينار، وقد يزيد هذا الرقم العام المقبل في حال اعتُمدت الموازنة الثلاثية، إذ يمكن أن تُضاف تباعاً وظائف جديدة خلال السنوات المقبلة، وفقاً للظرف السياسي”.